لكن المشكلة أن الإنسان، في حياته المهنية، أو في علاقاته، أو حتى في أفكاره، كثيرًا ما يظل متمسكًا بحصان ميت. يضغط عليه أكثر، يجلده، يزخرف السرج، يُبدّل اللجام، يكتب تقريرًا عن "أهمية الصبر"، يستدعي استشاريًا لتقييم أسباب تباطؤ الأداء… لكنه لا يعترف أن الحصان، ببساطة، قد مات.
الحصان الميت هو كل مشروع، أو علاقة، أو فكرة، أو نهج، استنفد جدواه ولم يعد قابلاً للنهوض، لكننا نستمر فيه بدافع الإنكار، أو العناد، أو الأمل الزائف، أو الخوف من الاعتراف بالخطأ. قد يكون وظيفة لم تعد تُضيف لنا شيئًا. أو علاقة عاطفية تُرهقنا أكثر مما تمنحنا. أو خطة عمل فشلت مرارًا. أو حتى عادة فكرية لم تعد تنفع في زمن تغيّر.
نحن نُصر على الاستمرار، لأن التراجع يبدو لنا ضعفًا. لأننا نكره أن نشعر أن كل الجهد السابق كان بلا جدوى. فنقول لأنفسنا: "قضيت فيه سنوات، لا يمكن أن أتركه الآن." أو: "يكفيه دفعة صغيرة وسينجح." أو: "ماذا سيقول الناس إن انسحبت؟" ومع الوقت، نصبح رهائن للاستثمار العاطفي لا للواقع المنطقي.
لأن فينا خوفًا من الاعتراف بالفشل. ولأننا نربط التغيير بالهزيمة. ولأن الأنا لا تحتمل أن يُقال لنا: "لقد كنت مخطئًا."
ولأننا نتمسك بما اعتدنا عليه، حتى لو كان يؤذينا، المألوف أحيانًا يبدو أكثر أمانًا من المجهول.
وفي بيئة العمل، تتجلى هذه النظرية في صور لا تُحصى: مشاريع فاشلة تستنزف الموارد فقط لأن "المدير متمسك بها"، سياسات إدارية لم تعد تناسب العصر، لكن لا أحد يجرؤ على مراجعتها، أشخاص في مواقع لا يُنتجون، لكن لا يُستبدلون "حرجًا أو مجاملة".
حين يصبح الجهد أكبر من النتيجة.حين تبدأ في تبرير ما لا يُبرر. حين تشعر أنك تحاول أن تُحيي شيئًا مات منذ زمن، فقط لأنك لا تملك شجاعة دفنه.
التوقف لا يعني دائمًا الفشل. أحيانًا هو أكبر انتصار للوعي. أن تدرك أن الوقت قد حان للتخلي، لتُعيد توجيه طاقتك لما هو حيّ بالفعل. لأن الوقت الذي تُضيعه في الحصان الميت، هو وقت مسلوب من فرص أخرى تنتظرك على الطريق.
أن النجاح لا يعني الإصرار الأعمى، بل المرونة الذكية. أن الاعتراف بالنهاية هو بداية جديدة. وأننا بحاجة، من وقت لآخر، أن نراجع "خيولنا" التي نركبها في الحياة… هل ما زالت حية؟ أم أننا نخدع أنفسنا كي لا نُواجه الحقيقة؟ والتخلي عنه ليس نهاية الطريق… بل أول خطوة في طريق جديد، قد يكون أكثر صدقًا وراحة.
فكّر في حياتك: هل هناك "حصان ميت" تركض خلفه منذ زمن؟ هل حان وقت الترجّل؟
مرحبًا بك في منطقة التعليقات! كن مهذبًا وابقَ في صلب الموضوع. قم بزيارة الشروط والأحكام الخاصة بنا واستمتع معنا!
لم تتم إضافة أي تعليقات بعد، كن الأول وابدأ المحادثة!